في مؤتمر إحياء تراث أمير المؤمنين… بحث أكاديمي يقدّم قراءة عميقة في فلسفة الأمن الاجتماعي العلوي

 

النجف الأشرف – مركز المرايا للدراسات والإعلام

شارك الباحثان الأستاذ الدكتور عبدالرحمن إبراهيم حمد الغنطوسي و الأستاذ الدكتور عبدالقادر عزيز أحمد الحيالي من كلية التربية في الجامعة العراقية ببحثٍ علمي مميز حمل عنوان المضامين التربوية والاجتماعية في إرشادات الإمام علي (عليه السلام) للرعية، وذلك ضمن فعاليات المؤتمر العلمي الرابع لإحياء تراث أمير المؤمنين (عليه السلام).

يسلّط البحث الضوء على الجوانب التربوية والاجتماعية في عهد الإمام علي (ع)، بوصفه نموذجاً رائداً في بناء المجتمع العادل، وترسيخ الأمن الاجتماعي، وإقامة دولة تقوم على المسؤولية والإنصاف والإنسانية.

 أولاً: منهج البحث ومحاوره

بيّن الباحثان أن الدراسة قامت على فرضية مفادها أن العهد العلوي يمثل منظومة متكاملة في تعزيز الأمن الاجتماعي عبر مبادئ تربوية وأخلاقية راسخة. وتناول البحث محورين أساسيين:

  1. السيرة الشخصية للإمام علي (ع) وما تحمله من قيم القيادة والعدل والزهد والجرأة في الحق.
  2. المضامين التربوية والاجتماعية في إرشاداته للرعية من خلال ستة محاور:
    • المسؤولية الاجتماعية
    • وحدة المجتمع
    • التكافل الاجتماعي
    • التربية المهنية
    • العدالة المجتمعية
    • التواضع ونبذ الاستكبار

 

ثانياً: أبرز ما كشفه البحث

1. المسؤولية الاجتماعية.. الإمام في قلب الناس

يعرض البحث نماذج حيّة من جولات الإمام علي (ع) في الأسواق، حيث كان يوجّه التجار، ينصف المظلوم، ويردّ الحقوق لأهلها.
كما أكد الإمام على ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باعتباره صمام أمان المجتمع.

2. وحدة المجتمع ومواجهة عوامل التفكك

أبرزت الدراسة حرص الإمام (ع) على إزالة مسببات التفرقة، ومنها:

  • منع الجلوس في الطرقات إلا بضوابط أخلاقية
  • سياسة “الباب المفتوح” للحاكم مع الناس
  • مراقبة الولاة وردع الانحراف الإداري

3. التكافل الاجتماعي.. فلسفة إنسانية متقدمة

قدّم البحث شواهد مؤثرة عن عناية الإمام بالفقراء واليتامى، ومنها قصص توزيع العسل والتمور والعطور، بما يحفظ كرامة المحتاج ويرعى جانبيه المادي والمعنوي معاً.

4. التربية المهنية والعمل المنتج

اعتبر الإمام علي (ع) أن العمل شرف، فكان يحثّ التجار والحرفيين ويؤكد على دورهم في تقوية الدولة. كما مارس بنفسه التجارة والعمل اليدوي، في رسالة واضحة بأن المسؤول قدوة لا متسلّط.

5. العدالة.. عمود الدولة العلوية

قدّم البحث نماذج مؤثرة من عدل الإمام، منها:

  • رفضه استثناء أقاربه من بيت المال
  • محاسبته للولاة عند الانحراف
  • قوله الشهير: لو وجدت المال قد تزوّج به النساء أو مُلك به الإماء لرددته
    مؤكداً أن العدل سعة، وأن الظلم ضيقٌ لصاحبه قبل غيره.

6. التواضع وعدم الاستكبار

أظهر البحث صوراً عملية من تواضع الإمام (ع)، كشرائه الملابس البسيطة، ورفضه أن يحمله الآخرون حاجاته، وتجوله بين الناس بلا حرس، وهو ما يعكس عمق التربية الأخلاقية التي رسخها في المجتمع.

 

ثالثاً: نتائج البحث

خلص الباحثان إلى أن شخصية الإمام علي (ع) كانت مدرسة متكاملة في القيادة التربوية والاجتماعية، وقد ركزت على:

  • إرساء الأمن الاجتماعي عبر العدل والتكافل والمسؤولية
  • بناء مجتمع متماسك يعظم القيم المشتركة
  • تربية الفرد على الوعي، العمل، التواضع، واحترام الآخرين
  • اعتماد أساليب تربوية متنوّعة في الإصلاح الاجتماعي والإداري
  • إقامة دولة تحكمها ثلاث ركائز: الحق، العدل، المساواة

 

 قدّم هذا البحث إسهاماً علمياً مهماً في المؤتمر العلمي الرابع لإحياء تراث أمير المؤمنين (ع)، إذ أعاد قراءة التجربة العلوية بوصفها نموذجاً حضارياً يصلح للاستلهام في بناء المجتمعات المعاصرة، خصوصاً في ظل التحديات الاجتماعية والسياسية الراهنة.

مركز المرايا للدراسات والإعلام
النجف الأشرف

أحدث أقدم