الفكر التربوي عند الإمام علي.. "منهج حضاري متكامل" لمواجهة التطرف والإلحاد

 


 النجف الاشرف ـ  في إطار فعاليات المؤتمر العلمي الرابع لإحياء تراث أمير المؤمنين عليه السلام، برز بحثٌ هام بعنوان: "الفكر التربوي عند الإمام علي وأثره في مواجهة الانحرافات الفكرية المعاصرة"، والذي قدّمته الدكتورة نور سمير يونس محمد الحيالي  من جامعة الموصل/كلية العلوم الإسلامية. ويُقدّم البحث رؤيةً شاملةً لتوظيف المنهج العلوي كإطارٍ إصلاحي ووقائي لمجابهة الأزمات الفكرية التي يعاني منها الإنسان المعاصر

 

خلاصة الرؤية: العقل، اليقين، والعدل كحصن

يُركز البحث على أن الفكر التربوي عند الإمام علي (عليه السلام) يُمثّل نموذجًا حضاريًا متكاملاً لبناء الإنسان. ويُبيّن كيف أن هذا الفكر، المرتكز على العقل، والعلم، والقيم الأخلاقية 5، يشكل الأساس لبناء شخصية متوازنة قادرة على مقاومة التيارات الفكرية المنحرفة.

المحاور الأساسية للفكر العلوي

ينقسم البحث إلى مبحثين رئيسيين7:

·         المبحث الأول: الأسس التربوية في الفكر العلوي:

o        الأساس العقائدي والمعرفي: يركّز على أن التوحيد والعقل والمعرفة هي ركائز أساسية 8، حيث أن الإيمان لا يتم بدون عقل 9، والعلم يُنقذ الفكر من التيه والضياع. وقد لخّص الإمام عليّ العلاقة بقوله: "أول الدين معرفته"

o        القيم الأخلاقية: تُعد القيم كـ الصدق ، والعدل ، والإحسان ، والتواضع حجر الزاوية في التربية. وتُعتبر هذه القيم هي الحصن المنيع الذي يحمي الفرد والمجتمع من الانحرافات

·         المبحث الثاني: أثر الفكر التربوي العلوي في مواجهة الانحرافات الفكرية المعاصرة:

o        معالجة التطرف والانغلاق الفكري: يؤكد البحث على رفض الإمام علي للتعصب والجمود والدعوة إلى الوسطية والحوار البنّاء. ويُقدّم تعامله مع الخوارج نموذجاً راقياً، حيث أقرّ لهم بحق التعبير ولم يمنعهم من الفيء أو المسجد ما لم يبدؤوا بالقتال.

o        مواجهة الإلحاد والتشكيك في الثوابت: يعالج الإمام علي الإلحاد بـ الجمع بين العقل والإيمان ، والرد بالحجة على المنكرين ، وتعزيز اليقين الواعي المبني على البصيرة لا التقليد الأعمى

o        تطبيقات عملية معاصرة: قُدّمت ستة برامج عمليّة مستلهمة من الفكر العلوي لمواجهة الانحرافات الفكرية ، أبرزها:

§         برنامج "ميزان الدليل" لمكافحة الراديكالية الرقمية عبر مهارات التحقق وتحليل الحجج

§         مشروع "العلم الحارس" لربط كل قيمة بعَملٍ تطوّعي لتحويل القيم من شعارات إلى سلوك

§         بروتوكولات لمعالجة الحالات مثل الإلحاد السطحي (بجلسة استكشاف للأسئلة) ونظريات المؤامرة (بالتدريب على التحقق).

النتائج والتوصيات

أكد البحث في خاتمته أن الفكر التربوي العلوي منظومة متكاملة تصلح لمعالجة أزمات الإنسان المعاصر. ومن أهم التوصيات التي خرج بها:

1.      دمج الفكر التربوي العلوي في المناهج التعليمية لتكوين الشباب.

2.      الاستفادة من نهج البلاغة في تدريب المعلمين والمرشدين على التربية القائمة على القيم والعقل.

3.      تعزيز الدراسات المقارنة بين الفكر العلوي والفلسفات التربوية الحديثة لإبراز تفرّد منهجه.

يُقدم هذا البحث خطةً عمليّةً للانتقال من مجرد الوعظ إلى الهندسة التربوية التي تُنمّي مناعةً فكريةً وأخلاقيةً مستدامةً في المجتمع34.

 

أحدث أقدم